تفسير رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم

img

 

تفسير رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم

محمد: نبينا صلى الله عليه وسلم  ورد في الحديث الصحيح عنه أنه قال : «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي» وفي رواية : «من رآني فقد رأى الحق» وفي رواية أنس رضي الله عنه: «من رآني في المنام فلن يدخل النار»-حديث غير صحيح وفي رواية : «لن يدخل النار من رآني في المنام»-حديث غير صحيح وفي رواية : «من رآني في منامه فقد رآني حقاً ولا ينبغي للشيطان أن يتصور بصورتي» وهناك روايات أخر غير هذا، وقد اختلف العلماء في معنى الحديث، فقال جماعة : محل هذا إذا رآه صلى الله عليه وسلم  في صورته التي كان عليها، وبالغ بعضهم فقال : في صورته التي قبض عليها، ومن هؤلاء ابن سیرین رحمه الله تعالى، فإنه صح عنه أنه كان إذا قصت عليه رؤياه قال للرائي: صف لي الذي رأيته، فإن وصف له صفة لم يعرفها قال : لم تره. ويؤيده حديث عاصم بن كليب ولفظه عند الحاكم بسند جيد قلت لابن عباس رضي الله عنهما: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم  في المنام فقال : صفه الي فذكرت الحسن بن علي فشبهته فقال : رأيته . ولا يعارضه خبر : «من رآني في المنام فقد رآني فإني أرى في كل صورة»، لأنه ضعيف.

أنظر صحة الأحاديث في الرابط التالي: https://bit.ly/2S9iKfq

ومعنى قوله : «فسيراني» تفسير ما رأي لأنه حق وغيب. وقوله «فكأنما رآني» أي: إنه لو رآني يقظة لطابق ما رآه نومة، فيكون الأول حقا وحقيقة والثاني حقا وتمثيلا، هذا إن رآه بصفته المعروفة وإلا فهو مثال، فإن رآه مقبلا عليه مثلا فهو خير للرائي وعكسه بعكسه، ومنهم القاضي عياض رحمه الله تعالى من حيث قال قوله فقد رآني أو فقد رأى الحق، يحتمل أن المراد أن من يراه بصورته المعروفة في حياته كانت رؤیاه حقا، ومن رآه بغير صورته كانت رؤياه تأويلا. وتعقبه النووي رحمه الله تعالی فقال : هذا ضعيف بل الصحيح أنه رآه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها.

وأجاب عنه بعض الحفاظ بأن كلام القاضي عياض لا ينافي ذلك، بل ظاهر كلامه أنه رآه حقيقة في الحالين، لكن في الأول لا تحتاج تلك الرؤيا إلى تعبير، وفي الثانية تحتاج إليه، ومنهم الباقلاني وغيره فإنهم ألزموا الأولين بأن من رآه بغير صفته تكون رؤياه أضغاثة، وهو باطل، إذ من المعلوم أنه يري نوعة على حالته اللائقة به مخالفة لحالته في الدنيا، ولو تمكن الشيطان من التمثيل بشيء مما كان عليه أو ينسب إليه العارض عموم قوله: «فإن الشيطان لا يتمثل بي»، فالأولى تنزيه رؤياه، ورؤيا شيء مما ينسب إليه عن ذلك فإنه أبلغ في الحرمة وأليق بالعصمة كما عصم من الشيطان في اليقظة، فالصحيح أن رؤيته في كل حال ليست باطلة ولا أضغاثة بل هي حق في نفسها، وإن رئي بغير صفته إذ تصور تلك الصورة من قبل الله تعالی فعلم أن الصحيح بل الصواب كما قال بعضهم : إن رؤیاه حق على أي حالة فرضت، ثم  إن كانت بصورته الحقيقية في وقت سواء كان في شبابه أو رجولته أو کهولته أو آخر عمره لم تحتج إلى تأويل، وإلا احتاجت لتعبير يتعلق بالرائي، ومن ثم قال بعض علماء التعبير : من رآه شيخة فهو في غاية سلم، ومن رآه شابة فهو في غاية حرب، ومن رآه متبسمة فهو متمسك بسنته ، وقال بعضهم: من رآه على هيئته وحاله كان دليلا على صلاح الرائي وكمال جاهه وظفره بمن عاداه، ومن رآه متغير الحال عابسا كان دليلا على سوء حال الرائي .

وقال ابن أبي جمرة: رؤياه في صورة حسنة حسن في دين الرائي ومع شين أو نقص في بعض بدنه خلل في دین الرائي، لأنه صلى الله عليه وسلم  كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما يقابلها، وإن كانت ذات المرأة على أحسن حال وأكمله، وهذه الفائدة الكبرى في رؤيته عليه السلام؛ إذ بها يعرف حال الرائي . ذكر هذا كله ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في شرح شمائل الترمذي . وكذلك سائر الأنبياء عليهم السلام فإن الشيطان لا يتمثل بالله ولا بآياته ولا بالأنبياء ولا بالملائكة عليهم السلام، فمن رأى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يزل خفيف الحال، وإن كان مهموما فرج عنه أو مسجونا خرج من سجنه، وإذا رئي في مكان حصار أو غلاء فرج عنهم ورخصت أسعارهم، وإن كانوا مظلومین نصروا أو خائفين أمنوا.

ورؤيته صلى الله عليه وسلم على ما وردت به السنة من صفاته التي لا يحسن واصف أن يعبر عنها فبشارة للرائي بحسن العاقبة في دينه ودنياه وعلى قدر ذاتك وصفاء مرآتك تتنزل لك رؤيته عليه السلام في المنام، فإن رآه مقبلا عليه أو معلمة له أو مؤتمأ به في صلاة أو طريق أو أنه أطعمه شيئة حسنة أو كساه ملبوساً لائقاً، أو وعده أو دعا له بخير فإن كان الرائي أهلا للملك وكان في زمنه عاد” حاكمة بالحق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان عالما عمل بما علم، وإن كان عابدة بلغ إلى منازل أهل الكرامات. وإن كان عاصية تاب وأناب إلى الله تعالى، وإن كان كافرة اهتدى وربما بلغ قصده من علم أو قراءة أو عمارة باطن مع أميته لقول الله تعالى : (( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي )) [الأعراف : 158]. وإن كان الرائي خائفاً أمن من ذي السلطان ورزق شفیعا مقبولا لأنه صاحب الشفاعة، وإن كان الرائي على بدعة وضلالة فليتق الله في نفسه خصوصا إن رآه معرضاً عنه، وربما قدمت على الرائي بشارة مفرحة ، وتدل رؤيته صى الله عليه سلم على إظهار الحجج وصدق المقالة والوفاء بالوعد، وربما نال من بين أهله وأقاربه مبلغا لم يبلغه أحد منهم، وربما حصلت منهم العداوة والحسد والبغض، وربما فارق أهله وانتقل من وطنه إلى غيره، وربما أدرکه اليتم من أبويه ، وقد تدل رؤيتهصلى الله عليه وسلم على إظهار الكرامات لأن الظبي سلم عليه والبعير قبل قدميه، وأسري به إلى السماء، وكلمه الذراع، وسعت الأشجار إليه. وإن كان الرائي من الكحالين الذين يعالجون الأبصار بلغ في صناعته مبلغا لم يبلغه أحد، لأنه عليه السلام رد عين قتادة. وإن كان الرائي في سفره وقد أجهد الناس العطش دل على نزول الغيث وانصباب الرحمة، لأنه صلى الله علييه وسلم  نبع الماء من بين أصابعه عند عدم الماء، وكذلك إن كان الناس في جهد وقحط دل على الشبع والرخاء والبركة من حيث لا يحتسبون.

وإن رأته امرأة بلغت رتبة عظيمة وشهرة صالحة وعفة وأمانة في نفسها وصيانة، وربما ابتليت بالضرائر ورزقت نسلا صالحا، وإن كانت ذات مال أنفقته في طاعة الله تعالی.

ورؤيته صلى الله عليه وسلم  تدل على الصبر على الأذى . وإن رآه يتيم بلغ مبلغا عظيماً، وكذلك إن كان غريباً. وإن كان الرائي ممن يعالج الأبدان انتفع الناس بطبه ، وربما دلت رؤيته على نصر المؤمنين ودمار الكافرين خصوصا إن كان معه أصحابه، وإن رآه مدیون قضى الله دينه ، وإن رآه مریض شفاه الله تعالى، وإن رآه من لم يحج حج البيت الحرام، وإن رآه محارب نصره الله تعالى، وإن رآه ممتحن كفاه الله تعالى وإن رئي في أرض أجدبت أخصبت إذا كان على هيئته، وإن رآه شاحب اللون مهزولاً  أو ناقصاً  بعض الجوارح فذلك يدل على وهن الدين في ذلك المكان وظهور البدعة، وكذلك إن رأى عليه كسوة رثة، وإن رأى أنه شرب دمه عليه السلام حبا فيه خفية فإنه يستشهد في الجهاد، وإن رأى أنه شرب علانية دل ذلك على نفاقه ودخل في ذم أهل بيته وأعان على قتلهم، وإن رآه راكباً فإنه يزور قبره راكباً وإن رآه راجة توجه إلى زیارته راجلاً، وإن رآه قائمة استقام أمره وأمر إمام زمانه، وإن رآه قد مات يموت من نسله رجل شريف، وإن رأى جنازته فإنه تحدث في تلك البقعة مصيبة فظيعة، وإن رأى أنه شيع جنازته حتى قبره فإنه يميل إلى البدعة، وإن رأى أنه قد زار قبره أصاب مالأ عظيماً.

وإن رأى أنه ابن النبي صل الله عليه وسلم  وليس هو من نسله دلت رؤياه على خلوص إيمانه ويقينه، ورؤيا الرجل الواحد رسول الله في منامه لا يختص ببركته بل يعم جماعة المسلمين، وإن رأى النبي صل الله عليه وسلم   وقد أعطاه شيئا من متاع الدنيا أو من طعام أو شراب فهو خير يناله بقدر ما أعطاه، وإن كان ما أعطاه رديء الجوهر مثل البطيخ ونحوه فإنه ينجو من أمر عظيم إلا أنه يقع به أذى وتعب، وإن رأى أن عضوا من أعضائه عليه السلام عند صاحب الرؤيا قد أحرزه فإنه على بدعة من شرائعه ، ومن رأى أنه تحول في صورته عليه السلام أو لبس ثوبا من ثيابه أو دفع له خاتمه أو سيفه ، فإن كان طالبا للملك ناله ودانت الأرض له وإن كان في ذلك وهوان أعزه الله ، وإن كان طالب علم نال من ذلك مراده، وإن كان فقيرة استغني أو عزبة تزوج، ومن رآه في مكان خراب فإنه يعمر ببركته، وإن رآه في داخل مكان جالساً فيه فإنه يكون في ذلك المكان آية وعبرة.

ومن رآه لا يؤذن في موضع كثر خصبه وعمارته ورجاله، وإن رآه أقام الصلاة في مكان وصلى فيه اجتمع الأمر المتفرق بالمسلمين، ومن رآه يكتحل فإنه يأمن بصلاح دينه وطلب حديثه ، وإن رأته حامل أو رآه بعلها فإن الحمل غلام، ومن رآه حسن زائد الحسن فإن ذلك زيادة في دين صاحب الرؤيا، ومن رأى لحيته الكريمة سوداء ليس فيها بیاض فإنه ينال سرورة وخصبة عظيمة، ومن رآه في صورة كهل فإنه يدل على قوة حاله ونصره على أعدائه ، وإن رآه عليه السلام أعظم ما يكون فإن الإمام تعظم ریاسته وسلطانه، وإن رأى عنقه غليظا فإن الإمام حافظ الأمانة للمسلمين، وإن رأى أن صدره أوسع ما يكون وأحسن فإن الإمام يكون سخية في عطاء الجند، وإن رأى بطنه خالية فإن الخزانة خالية لا مال فيها، وإن رأي أصابعه اليمني مضمومة فإن الإمام لا يعطي الأرزاق وصاحب الرؤيا لا يحج ولا يجاهد ولا ينفق على عياله، وإن رأى يده اليسرى مضمومة فإن الإمام يحبس رزق أجناده وأموال الجهاد والصدقات، وصاحب الرؤيا لا يؤدي الزكاة ويمنع السائل وإن رأى يده مفرجة الأصابع فإن الإمام يعطي الأرزاق وصاحب الرؤيا يحج ويجاهد، وإن رأى يده قابضة أصابعها على كفها انعقدت أمور الإمام واأصابه هم ، وكذا صاحب الرؤيا .

ومن رأى فخذه عليه السلام أعظم وأجمل وأكثر شعراً فإن عشيرته يقوون ماله، بالكثرة، وإن رأى ساقيه طويلين طال عمر الإمام، ومن رآه عليه السلام في عسکر وعليه سلاح وهم يضحكون  ويعجبون فإن جيش المسلمين ينهزم في تلك السنة، وإن رآه في عسكر قليل  وسلاح غير تام وتظهر عليهم الذلة والخضوع، فإن المسلمين ينتصرون على أعدائهم لقول الله تعالى: ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذله )  [آل عمران :۱۲۳]. ومن رأى أنه عليه السلام يمشط رأسه ولحيته فإن يدل على زوال هم صاحب الرؤيا، وإن رآه في مسجده عليه السلام أو حرمه أو مكانه المعروف فإنه ينال قوة وعزة ومن رآه يواخي بين الصحابة فإنه ينال علما وفقها، ومن قبره عليه السلام فإنه يستغنى وينال یامر  مالا، وإن كان تاجرة ربح في تجارته، وإن كان مسجونة خلص، ومن رأى أنه أبو النبي ل فإنه يقل دينه ويضعف يقينه .

ومن رأى أن واحدة من أزواج. النبي صلى الله عليه وسلم أمه زاد إيمانه ، فإن رأى أنه يمشي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فإنه متبع السنة،  ومن رأى النبي  صلى الله عليه وسلم  ينظر في أمره فإنه يأمره بأداء حقوق امرأته، ومن رأى أنه يأكل مع النبي  صلى الله عليه وسلم ، فإنه يأمره بأداء زكاة ماله، ومن رآه عليه الصلاة والسلام يأكل وحده فإن صاحب الرؤيا يمنع السائل ولا يتصدق فأمره بالصدقة، وإن رأى النبي صلى الله عليه وسلم بلا نعل فإنه تارك الصلاة مع الجماعة فأمره بالصلاة مع الجماعة، ومن رآه لابسة خفيه فإنه يأمره بالجهاد في سبيل الله تعالى، ومن رآه صافحه فإنه متبع سنته، ومن رأى دمه مخلوط بدم النبي فإنه يصاهر شريفة أو يناکح العلماء، وإن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يناوله شيئا من البقول فإنه ينجو من هم، وإن ناوله مما يستحب نوعه كالرطب والعسل فإنه يحفظ القرآن وينال من العلم بقدر ما ناوله.

ومن رأى النبي صلى الله عليه وسلم  يخطب فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ومن رأى النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه شيئا فإنه ينال علما ويتبع الحق فإن رده عليه فإنه يدخل في بدعة، ومن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة شاب طويل فإنه يكون في الناس فتنة وقتل، وإن رآه وهو شيخ كبير فإن الناس في عافية ، وإن رآه وهو آدم اللون فإنه يترك غي الصبا ويحدث نفسه بالتوبة ، وإن رآه أبيض اللون فأنه يتوب إلى الله  تعالى ويحسن عمله وتستقيم طريقته ، ومن رآه يعاتبه أو يجادله أو يرفع عليه صوته فإن ذلك بدع قد أحدثها في الدين ، ومن رأى أنه مات في موضع من المواضع فأنه تموت السنة في ذلك الموضع .

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

اترك رداً