قواعد في تعبير الرؤيا-مقال للشيخ محمد بن عمر بازمول قاعدة 29،28،27،26

القاعدة السادسة والعشرون

مما تفسر به الرؤيا لون الثياب.

أخرج أحمد في المسند (40/ 430، تحت رقم 24367) بسند ضعيف فيه ابن لهيعة، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ خَدِيجَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَالَ: “قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ، فَأَحْسِبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيَاضٌ“.

وأخرجه عبدالرزاق في المصنف (5/ 324، تحت رقم 9719)، عن الزهري قال: “وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ كَمَا بَلَغَنَا فَقَالَ: رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ، وَقَدْ أَظُنُّ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ الْبَيَاضَ“.

القاعدة السابعة والعشرون

قد تتكرر الرؤية للدلالة على صدقها و أهميتها

قال تعالى : ?فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ? (الصافات:102).

ذكر بعض المفسرين أن الرؤيا تكررت على إبراهيم ? بأن يذبح ابنه، ووجه ذلك من الآية أنه عبر بالفعل المضارع ?أرى? عن أمر حصل في الماضي، والتعبير بالمضارع يفيد تجدد الحدوث وتكرره.

وفي قصة يوسف قال تعالى: ?وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ? (سورة يوسف:43).

جاء الفعل المضارع مكان الماضي ?إني أرى? لنفس المعنى فيما يظهر، وهو الدلالة على تجدد الحدوث وتكرره، وهنا تكررت الرؤيا بصورتين، رأى سبع بقرات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان. ثم رأى ثانية سبع سنبلات خضر، وأخر يابسات.

القاعدة الثامنة والعشرون

من الرؤيا ما لا يحتاج إلى تعبير لظهور معناها. ومنها ما يحتاج إلى تعبير.

وإلى النوع الأول أشارت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في قولها الذي أخرجه البخاري تحت رقم (3) ، ومسلم تحت رقم (160)، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: “أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ“.

قولها: “مثل فلق الصبح” يعني في ظهورها ووضوحها.

ويبدو لي أن هذا المعنى هو المراد في ما تقدم من حديث الرسول ? عن رؤيا المؤمن في آخر الزمان: “فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا“.

القاعدة التاسعة والعشرون

تفسير الرؤيا وتعبيرها كالفتوى

لا يحق للشخص أن ينقل ما ذكره معبر الرؤيا لشخص على رؤية له هو، لأن تعبير الرؤيا يتوقف على حيثيات تتعلق بالرائي قد لا توجد في الشخص الآخر، فحمل كلامه على رؤياك لا يصح.

وكتب تفسير الأحلام هي للاستئناس فقط.

و لا ينبغي أن يجزم بشيء بناء على تعبير الرؤيا، فهذا يحتاج إلى دليل.

وإذا كان أبو بكر الصديق t على علمه وصدقه لما فسر رؤيا أصاب بعضا وأخطأ بعضاً (راجع قصة ذلك في القاعدة التاسعة) فكل أحد بعد أبي بكر أولى أن يخطيء، فلا يجزم المعبر بأن تفسير الرؤيا هو ما ظهر له، والله الموفق.

تنبيه:

أخرج الدارمي (2/ 1380، تحت رقم 2209)، قال ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَهَا زَوْجٌ تَاجِرٌ يَخْتَلِفُ، فَكَانَتْ تَرَى رُؤْيَا كُلَّمَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَلَّمَا يَغِيبُ إِلَّا تَرَكَهَا حَامِلًا، فَتَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقُولُ: إِنَّ زَوْجِي خَرَجَ تَاجِرًا، فَتَرَكَنِي حَامِلًا، فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ سَارِيَةَ بَيْتِي انْكَسَرَتْ، وَأَنِّي وَلَدْتُ غُلَامًا أَعْوَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرٌ، يَرْجِعُ زَوْجُكِ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى صَالِحًا، وَتَلِدِينَ غُلَامًا بَرًّا. فَكَانَتْ تَرَاهَا مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ، تَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: ذَلِكَ لَهَا، فَيَرْجِعُ زَوْجُهَا، وَتَلِدُ غُلَامًا، فَجَاءَتْ يَوْمًا كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ، وَقَدْ رَأَتْ تِلْكَ الرُّؤْيَا، فَقُلْتُ لَهَا: عَمَّ تَسْأَلِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَمَةَ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ: رُؤْيَا كُنْتُ أُرَاهَا، فَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا؟ فَيَقُولُ: خَيْرًا، فَيَكُونُ كَمَا قَالَ! فَقُلْتُ: فَأَخْبِرِينِي مَا هِيَ؟ قَالَتْ: حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرِضَهَا عَلَيْهِ، كَمَا كُنْتُ أَعْرِضُ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهَا حَتَّى أَخْبَرَتْنِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَيَمُوتَنَّ زَوْجُكِ، وَتَلِدِينَ غُلَامًا فَاجِرًا، فَقَعَدَتْ تَبْكِي، وَقَالَتْ: مَا لِي حِينَ عَرَضْتُ عَلَيْكِ رُؤْيَايَ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا: مَا لَهَا يَا عَائِشَةُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، وَمَا تَأَوَّلْتُ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ يَا عَائِشَةُ ؛ إِذَا عَبَرْتُمْ لِلْمُسْلِمِ الرُّؤْيَا فَاعْبُرُوهَا عَلَى الْخَيْرِ، فَإِنَّ الرُّؤْيَا تَكُونُ عَلَى مَا يَعْبُرُهَا صَاحِبُهَا، فَمَاتَ، وَاللَّهِ زَوْجُهَا، وَلَا أُرَاهَا إِلَّا وَلَدَتْ غُلَامًا فَاجِرًا” والحديث قال الحافظ في فتح الباري (12/ 432): “وَعِنْدَ الدَّارِمِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ”، (وكذا قال محققا زاد المعاد: إسناده حسن) وقال ابن حجر عقبه: “وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ جَائِزَ بَيْتِي انْكَسَرَ وَكَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا فَقَالَ: رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكِ زَوْجَكِ فَرَجَعَ سَالِمًا الْحَدِيثَ وَلَكِنْ فِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ هُوَ الَّذِي عَبَرَ لَهَا الرُّؤْيَا الْأَخِيرَةَ وَلَيْسَ فِيهِ الْخَبَرُ الْأَخِيرُ الْمَرْفُوعُ”اهـ،

قلت: سند الدارمي فيه عنعنة ابن إسحاق.

ومخالفة رواية عطاء، التي أشار إليها ابن حجر عقب الحديث.

ومخالفته من حيث المعنى لحديث ابن عباس t المذكور في القاعدة التاسعة الذي أخرجه الشيخان، وقول الرسول ? فيه: “أصبت بعضا وأخطأت بعضا”؛

فالحديث منكر، وعندي أن البخاري لما ترجم على حديث ابن عباس t، بقوله في كتاب التعبير: “بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ إِذَا لَمْ يُصِبْ”؛ كان يريد التنبيه على عدم صحة هذا الحديث، والله اعلم.

تمت ولله الحمد والمنه

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

([1]) في كتاب الأدب، باب في الرؤيا، عقب الحديث رقم (5019).

منقول

منتديات التصفية و التربية السلفية

بواسطة أبو إبراهيم لخضر شياحي

الكاتب admin

admin

مواضيع متعلقة

تعليق واحد على “قواعد في تعبير الرؤيا-مقال للشيخ محمد بن عمر بازمول قاعدة 29،28،27،26”

اترك رداً